الأحد، 1 يناير 2012

توانه أطفال في المغر وهجمات استيطانية عنيفة


تقرير إخباري لارا يحيى شاور
إلى جنوب الخليل التي يقطنها أشرس مستوطني الضفة سرنا حوالي الساعة والنصف متجهين نحو يطا، وتحديدا إلى أحدى خرب المدينة التي تعد ثالث أكبر تجمع سكاني في الضفة الغربية بعد الخليل ونابلس، وهي خربة توانا، حين وصلنا إلى القرية بدأت الحقائق ترتمي أمامنا واحدة تلو الأخرى فسكان خربة توانا يعيشون في عزلة تامة في أبعد نقطة من قرية يطا، بين المستوطنات وبدون ماء وكهرباء وضمن تهميش إعلامي غير مقصود أو لعله مقصود بصورة أو بأخرى، فمعظم أبناء القرية المتعلمين لا يستطيعون نقل تجربتهم المعيشية في قرية يوصل الجيش أطفالها للمدرسة القابعة على رأس التله الشرقية في البلدة، وغالبا ما يتعرض أولائك الأطفال للضرب والتنكيل من المستوطنين، على مرئي ومسمع من الجيش المتواطئ.
كنا قد وصلنا إلى أرض فيها حوالي ال20 بيتا يحدها مستوطنتين من الشرق والغرب هما مستوطنة حبات ماعون، ومستوطنة كرمئيل.
لم يكتفوا بالمستوطنة...
 منذ حوالي الست شهور هجم "فتيان جبال الخليل" كما يسمون أنفسهم أو مغتصبي أراضي توانا كما يطيب لي تسميتهم، على حوش من أشجار الصنوبر في شمالي غربي البلدة، محتلين إياه مزيلين عددا من أشجاره ليزرعوا نوعا جديدا فيه، ومن ثم شرعوا ببناء بيوتهم داخل الحوش بشكل مخفيي وبين الأشجار كي يقنصوا ماشية المزارعين ويمنعونهم من دخولها بل وحتى يعتدون عليهم إن إقتربوا من الحوش، والرعاية فيها هي التي كانت بيوم من الأيام مرتعا للماشية وملعبا للأطفال، هؤلاء الفتيان المستوطنون هم بالأصل شبان من مستوطنة ماعون خرجوا منها واستوطنوا الحوش الموجود في أعلى القرية، لتبدأ إعتدائاتهم بإغتصابهم للمزيد من أراضي البلدة.
 من يرد العتف بالعنف؟؟
البلدة الحنونة يسكنها متطوعون أجانب من جمعية الفرق المسيحية من أجل السلام، وهي مموله من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، ليصبح الجلاد هو المحامي فهؤلاء المتطوعون يقطنون في بيت بسيط في بلدة توانا قابلت منهم شخصيتان هما الإسبانية كساندرا ديكورت والأمريكية لورا كاغيل، في بيت أحد سكان البلدة جالستان على الأرض يأكلان من شوربة سيدنا إبراهيم الخليل والمشهورة بصنعها في المدينة أجمع، وحين سألتهما عن اهتمامهما بالوصول إلى الأراضي الفلسطينية أشارتا إلى التهميش الإعلامي للقضية الفلسطينية حتى أن لا معرفه لديهما بوجود فلسطين أو حتى بوجود صراع هناك حيث تقطن كساندرا في اسبانيا لا يتحدث الإعلام غالبا عما يحدث في فلسطين، بالإضافة إلى أنها عرفت بوجود الصراع بالصدفة المحضة عبر إحدى صديقاتها وانسبت بعدها جمعية الفرق المسيحية من أجل السلام، وتضيف الوضع لنا هنا سيء جدا، فنصرة الفلسطينيون المهمشون هنا أدت إلى كره المستوطنين لنا حتى أن إحدى أصدقائنا كان قد أصيب إصابة خطرة في آخر مواجهات بين مستوطني مستوطنة كرمئيل والمواطنين في توانا، بالطبع المستوطنون ا يتوانون بإستخدام العنف بعكس أهالي البلدة والمتطوعون.
تحت رزح الفقر والاحتلال...
  المواطن محمد الصبيحات يقطن وأفراد عائلة السبعة في كهف بأعلى البلدة، يوضح عن سبب سكنه للكهف، السلطات الإسرائيلية تمنعني من البناء في أرضي بحجة أنها واقعة خارج مخطط البلدة، وبالطبع السبب الأقوى هو العائق المادي، عن الإعتداءات  يوضح صبيحات أنها بدأت منذ زمن بعيد منذ أن جاء المستوطنون وسكنوا في ماعون كرمئيل، وتصاعدت الإعتداءات فترة الإنتفاضة وأن المستوطنون لا يتركونهم وشأنهم أبدا وممنوع عليهم أن يحصدوا أو يزرعوا أو حتى يرعوا أغنامهم في الأراضي الخضراء المجاورة للمستوطنة، رغم أنها أراضيهم وتابعة لبلدتهم إلا أن مخطط البلد وحدودها الذي صنعته إسرائيل جعل حدودنا عند حد ابعد بيت لدينا وممنوع علينا أن ندخل أو نخرج من الأراضي المحاذية حتى للحوش الأخضر في أعلى البلدة.
 بالطبع فإن أهالي توانا يصعدون في بعض الأحيان ناحية المستوطنة ليرعوا أغنامهم هناك، لأن هذه الأراضي لهم وستبقى لهم، وبالطبع لم ينسى الدور الذي يقوم به المتطوعون في البلدة قائلا: قبل أن يأت المتطوعون كان الجيش يقف في صف المستوطنين دائما ويسمح لهم بالإعتداء علينا فيما ينتظر أول هفوة من أحدنا ليقوم باعتقاله لكن بعد قدوم المتطوعين، وبالتأكيد ليس لسواد أعينهم إنما للكاميرات التي يحملونها في أيديهم، يضيف  توقفت الإعتداءات إلا أننا لمسنا اختلافا في تعامل الجيش معنا، بدأ الجيش يوقف المستوطنين ويبعدهم عنا، بل وأحيانا يوقف إعتدائاتهم بشكل كلي كل هذا بفضل وجود كاميرات التصوير مع المتطوعين وخوف الجيش منها، لكن هذا لا يعني أن المتطوعين لا يتعرضون للإعتداءات بالطبع يتم الإعتداء عليهم بصفتهم أعداء للمستوطنين مثلنا مثلهم، يضيف محمد الوضع هنا مؤلم لكن أبدا لن نخرج من بيوتنا ومن أراضينا لأجلهم أبدا حتى لو قتلنا واحد تلو الآخر، فروحنا عاشقة لهذه الأرض ومهما فعلوا لن يهزموا إرادتنا..
دولة المستوطنات
في النهاية لن يبق للفلسطيني مكان ليعيش فيه حتى أن الصحفي حازم القواسمي قالها في إحدى مقالاته سوف لن يكون هناك دولة فلسطينية إلا في غزة طالما أننا لازلنا نلهث وراء اتفاق أوسلو وإسرائيل توسع مستوطناتها شرقا وغربا، فالمواطن محمد صبيحات مثال حي من قرية توانا، وغيره الكثيرون يعيشون تحت رزح المستوطنات مؤكدين أن الفلسطيني صعب كسر الشوكة، وأنهم أبدا لن يكرروا ذكرى النكبة، كل شخص فينا يستطيع أن يقاوم لكن ربما على السلطة الوطنية الفلسطينية الراعية للمشروع الوطني الفلسطيني أن تفعل دورها وتدعم صمود الناس بدلا من دعم المشاريع  الضخمة التي لا تجلب سوى ويلات الشعب الفلسطيني..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق