تقرير إخباري
لارا شاور
إلى شمالي جنين القسام، تقع قرية طورة الغربية، التي تقطنها ثلاث عائلات كبيرة هي كبها وعائلة عبادي، وخطيب، اغتصب الجدار من أراضي طورة ما يزيد عن 90% من مساحة أراضيها البالغة3000 دونما تقريبا، وذلك بحسب ما أوضحه عبد الكريم محمد كبها عضو اللجنة الشعبية لمكافحة الجدار، وعضو المجلس البلدي في طوره، أبو أوس يبين بأسى بالغ: " الوضع السكاني صعب جدا فطوره بلدة صغير تحمل هما يفوق طاقتها، فتجد أن فيها تآمر الاستيطان، والجدار على أراضيها، حيث يقع على أراضي بلدة طورة مستوطنات شاكيت المقامة في المنطقة الشمالية والتي بدأ البناء بها عام 1986م وأقيمت في مكان استشهاد عز الدين القسام، على جانبها تتربع على صدر القرية مستوطنة حنانيت ( مستوطنة ريحان) والتي بينت عام 1974م بحسب سجلات المجلس البلدي وكانت المستوطنة قد سلبت أسم المنطقة فهذه المنطقة كانت تسمى حرش الريحان وهو أسم المستوطنة المقامة الآن، إذا هم يريدون الأرض كلها وهذا معروف من زمن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ونظيرة الإسرائيلي باراك، حين كان الأخير يطالب بغوش ريحان والمقصود منها هو مستوطنة ريحان الزراعية"، والتي يصفها عبد الكريم بالغابة الكبيرة من شجر الصنوبر، وهي الآن عبارة عن محمية طبيعية موزعة على مساحات ضخمة تصل لحولي 70 ألف دونم آخذة بالتوسع، وفي الجهة الشمالية لقرية طوره أيضا بنيت عام 1995م مستوطنة تلمي نشه.
وضع الجدار في طورة مختلف، والأراضي التي خلف الجدار ليست مصادرة... .
رئيس المجلس قال واصفا وضع الجدار في أولى مراحل بناء بكلمة رئيسيو واحدة وضع الجدار في طوره مختلف جدا عن القرى الأخرى، "أن الجدار فيها اخترق حدود ال67، كي يتم ضم المستوطنات المحيطة بالبلدة"، بعكس القرى الأخرى مثل عانين وزبوبا اللتان سار الجدار فيهما على حدود ما يعرف بأراضي ال67، فطوره والقرى المجاورة لها أي الأراضي التابعة لقرية يعبد، وغيرها؛ ونتيجة وقوع مستوطنة شاكيت والمستوطنات الأخرى، محاذية لها لف الجدار ليضم حوالي 70 ألف دونم داخل الجدار".
عدا عن أن الجدار سار مدمرا مساحات من الأراضي المجاورة للجدار على عرض 40 متر بجوار كل أرض دمرها الجدار، وبما أن عرض الجدار 8 أمتار، مشيرا إلى أن هذه الأراضي هي التي يطلق عليها الاحتلال أراض مصادرة، وبالتالي ممنوع على أصحاب الأرض دخولها.
فيما أضح كبها حول الوضع القانوني للأراضي الواقعة خلف الجدار بأنها بالمفهوم القانوني الإسرائيلي ليست مصادرة ومن حق المواطن الفلسطيني أن يدخلها في أي وقت يريد بشرط الحصول على تصريح يصدره الحكم العسكري من سالم، فهذه الأراضي وإن وقعت خلف الجدار فهي غير مصادرة ومن حق أصحابها دخولها فالمصادرة لا يحق لصاحبها دخولها وتعتبر منطقة أمنية عسكرية مغلقة لا يسمح بدخولها ويستغلها الجيش، لكن ما دام مسموحاً للشخص دخولها واستصلاحها فهي أرض غير مصادرة.
" وصل بنا الحال إلى حد طلب تصاريح لدخول أراضينا...!"
يتابع أبو أوس: أن مجموع أراضي طورة يبلغ حوالي الثلاث آلاف دونما، منها حوالي ألفي دونم خلف الجدار، مجموع الأسر التي تم مصادرة أراضيها من سكان طورة الغربية يبلغ ال90%، فيما لا يبلغ مجموع ما يتم إصدارة من تصاريح، إلا حوالي ال5% من هذه العائلات وبما أنها بلدة زراعية، فالأضرار الاقتصادية هي الأكبر، موضحا أن هذه الأراضي المصادرة كانت مزروعة بأشجار الزيتون، وكان بعضها يزرع بالبقوليات، والدخان، وهي كانت مصدر الدخل الرئيس لهذه الأسر، وعادة تعطى تصاريح الزراعة في موسم الزيتون أي حوالي ثلاث شهور سنويا فقط.
ويتحسر أبو أوس قائلا: " للأسف وصل بنا الأمر إلى حد طلب تصريح لدخول أرضي...!!!"، ويضطر الأفراد للتفريط بحقوقهم بالأراضي، وجعل القاطنين خلف الجدار يحصدونها، لهم مقابل نسبة يأخذ بالطبع القاطنون خلف الجدار غالبيتها.
حتى الطير يقطع جدار عارهم بصعوبة....!
ويوضح عبد الكريم أن الجدار في طوره مرتب على هذا النحو: حيث يبدأ بسلك شائك ملتف بمقدار 7 لفات في الدورة بطول 3 مترا، يأت بعدة مباشرة خندق بعمق 5 أمتار وعرض 5 أمتار، يفصل بينه وبين جدار الباطون شارع كركار وهو لمن لا يعرفه نوع من أنواع الحصمة الخشنة، والتي تستخدم بالبناء، علما أن جدار الباطون عليه مجسات للحركة ومجسات مكهربة في بعض نواحيه، يمر بعده ما يعرف بشارع التسوية، أو شارع الأثر وفيه نوع خاص من الرمال يقوم الجيش بتسويته يوميا، يضيف عبد الكريم بعد المراحل الأربعة هذه، يمر شارع أسفلت تسير عليه دوريات الجيش خلال ساعات النهار، يمر بعده شارع كركار، يغلق بسلك شائك ملتف يستطرد يائسا" حتى الطير يقطعه بصعوبة"!!.
لطوره خصوصيتها بشأن الجدار
الغريب هنا في طوره، وما يصنع خصوصيتها، أن بعض العائلات ممن صودرت أراضيهم، كانوا قد تلقوا عروضا لتعويض خسارتهم في الأرض، وهو ما رفضه جميعهم لا أحدهم، معتبرين أن قبول التعويض يعني البيع، وقبض الثمن، والتنازل عنها، وهذا ما هو مرفوض وبرأي أبي قيس أن هذا يسجل لأهالي طورة لرفضهم هذا الأمر.
الخصوصية الثانية تأتي ضمن ما دعاه أبو قيس مقاومة الأطفال، حيث قال مبتسما في طورة بدأت مقاومة الجدار مع بداية بناءة منذ شهر أكتوبر عام 2002، وحتى نهاية شهر أكتوبر عام 2003، وفي الفترة تلك تم اعتقال ما يقارب الستين طفلا من أطفال القرية بتهمة ما يطلق عليه الإحتلال "ممارسة أعمال تخريبية"، وعلى رأس هؤلاء المعتقلين كان الطفل معتز سامح كبها البالغ من العمر اليوم 10 سنوات ولإخراجه من السجن دفع أهلة ألف شيقل رغم أن الطفل حين اعتقاله كان يلعب بالقرب من منزلة الواقع قرب الجدار.
التمزيق الاجتماعي الذي مارسه الجدار على أهالي طورة
في طورة يقطن حمولة كبيرة تشكل ما نسبته 90% من قاطني طوره هم من هذه العائلة، وامتداد عائلة كبها هو في داخل الخط الأخضر وبعد بناء الجدار أصبح الشباب الجديد من العائلة لا يعرف بعضة بسبب تمزيق الجدار للعائلة، وهناك بعض التجمعات التي كانت مجاورة للبلدة وسكانها بالأصل من هنا ونقلو سكنهم بسبب أراضيهم ومنها خربة المالح والبطمية، أهالي هذه التجمعات من طورة وتابعين لها حتى أبنائهم يدرسون هنا وعلاجهم معتمد على طورة، وبعد بناء الجدار أحدث مشاكل بخصوص تعليم أبنائهم لطوره للدراسة.
جدار عارهم لن يطول أمدة، وان صمدت طورة فليست وحدها الصامدة الماجدة، فكل قرى فلسطين صامدة إن لم يكن ضد جدار، فضد استيطان، غير أن بعضها كان الله في عونها تصارع السرطانين في آن، لكن أهلها عاشقين لها وكما قالها القدماء:" الأرض عرض"، "والأرض إذا جعنا بناكل منها، وإذا بردنا بنتدفى فيها، وإذا تضايقنا بنتنفسها، لوفائنا لتراثنا وخوفنا من ضياع الباقيات الصالحات من أراضينا، سنبقى نصارع السرطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق